mardi, septembre 26, 2006

وداعا يا أعز الناس / 3


سقاني القدر كأسا هذه المرة
لم تكن كأسا ككل مرة
حنظل وبؤس وقتامة
عصير صبار وسواد وكآبة
شربت وشربت ولم أبالي
اليوم أشرب وأشرب وأعاني
كانت هنا...كانت هناك في الأعالي
حية ترزق...تسري في دمي ومقالي
جثة هي اليوم سقطت أمامي
برداء أسود غطيت وبكلامي
دمعي وفير وأنا أبدو حقير
ألمس يديك الباردة وعمرك القصير
فقدت الشمس والمساء
وتلقيت فيك كل العزاء
لمن تركتيني سيدتي
للحزن...للرهبة أم للبلاء
لم أعد أقوى على العيش والأشياء
ضاع مني الحرف والورق والنداء
وكل بسمة...وكل باء وألف وتاء
سأعيش الأقدار مع قدري
والإندثار والانفجار في صدري
ما القدر إلا الحاكم بأمري
أدري ذلك أو لست أدري

وداعا يا أعز الناس / 2


تفرق الناس من حولي...وبقيت وحيدا...تلقيت التعازي وعقلي معك في القبر...فكرت فيك كثيرا وفي ما مضى من الايام...لحظات تتلوها لحظات وذكريات تتلوها ذكريات...حزن شديد يلفني ويحطم ضلوعي...لن أنسى أبدا وجهك وأنت مسجاة فوق طاولة خشبية في المنزل...اقتربت منك وأزحت الغطاء عن وجهك لأراه لآخر مرة...كانت عيونك مغمضة وشعرك ملقى على الجانب وفمك مفتوح قليلا وبرودة تنبعث منك...اقتربت منك أكثر وقبلت جبينك...ومررت بأناملي على وجهك وكأني أبحث عن وجودك...قبلتك قبلات كثيرة وحرصت أن آخد بعضا من قطرات العرق بين شفتي وقليلا من رائحة جسدك البارد...تركوني وحيدا معك في الغرفة جزاء لما فعلته معك وانت حية...لحظات رهيبة ان تبقى مع أعز الناس وهو ميت بين يديك...لاحول لي ولاقوة سوى الدموع تسيل في صمت...لم أنتحب ولم أصرخ ولم أنادي...فقط دموع تجري في صمت رهيب...كل ماعشناه مر بخاطري وانا جالس بجانبك أتأملك وانت جثة هامدة...تمنيت صادقا لو ان صدرك تحرك من جديد وقمت منتصبة أمامي...تمنيت لو أنك عدت للحياة ولو لبضع دقائق ونحن وحدنا في غرفة تضيؤها الشموع...تمنيت ان نبقى هنا انا وانت وكل اللحظات وكل الذكريات...لم أستوعب حجم الكارثة الا عندما شددت على يديك الباردة وعانقت أناملك...أحسست بفقدان الزمان والمكان وتوقف قلبي عن الخفقان...يا للهول...بعد حين سأخرج من غرفتك ولن أجد ما أمسك به ولا من أناجيه...أصوات نحيب أسمعها من بعيد لنساء تبكينك بحرقة تزيد من حرقتي...لقد رحلت وصعدت روحك الطيبة الى السماء...سنلتقي يوما كما التقينا يوما وافترقنا يوما...علي ان أعتاد على غيابك وانعدام وجودك..........يا أعز الناس