mardi, juin 06, 2006

رغبات...ورقعة شطرنج


ليلة شتائية باردة...قطع خشبية تحترق في الموقد وتبعث بعض الدفء...جلسا يلفهما صمت ثقيل...أحسا ببعض الملل يتسرب إليهما...ليس هنالك ما يمكن عمله سوى انتظار أن يحتل سلطان النوم العيون والمكان...اقترحت هي أن يلعبا الشطرنج،وافق هو واقترح أن المنهزم عليه أن يلبي كل طلبات ورغبات الفائز هذه الليلة الباردة...وافقت بسرعة مذهلة...هذا ما تتمناه وترغب فيه...فهناك كومة اللأواني في المطبخ تنتظر من يغسلها،وكومة الملابس تطلب من يدفع بها الى الآلة،والغبار الذي احتل كل الأركان...وغرفة النوم تبكي وتشكي حالها...فرصة جيدة تحل مشاكلها ومتاعبها المنزلية بضربة واحدة...هكذا فكرت...ولكن ماذا لو انهزمت؟؟..ليس مهما..هو ليس له طلبات ولا صحون تنتظر...له رغبات ربما يريد تحقيقها هذه الليلة ولكن تكون قطعا في وزن الجبال
وضع رقعة الشطرنج بينهما...صفت القطع صفا متراصا...المعركة ستكون شاقة وحاسمة..البيادق والجنود في الأمام،والأسلحة الثقيلة في الخلف...والهدف هو موت الشاه...كان لها شرف بدأ اللعبة،هي صاحبة القطع البيضاء وهو صاحب السوداء...التحمت البيادق مع بعضها...خرجت الأحصنة من موقعها تنشد المحاصرة...انتصبت الأرخاخ تنتظر الفرصة للإنقضاض...جالت الأفيال يمنة ويسرة تدك الحصون وتحدث الثغرات...وقفت الملكة في خدمة الملك،تذوذ عنه وتحميه...ممنوع الإقتراب منه...احتدم وطيس المعركة...القطع تتساقط واحدة تلوى الأخرى...المناورات كثرت ومحاولات اختراق الدفاعات تزايدت...لم يبق على الرقعة إلا القليل والحظ يبتسم لها...لقد كثرت أخطاؤه وانهارت دفاعاته،والنصر وشيك...إنها تفرك يديها بنشوة،وهو طارق برأسه يفكر في معجزة تنقذه من هذه الورطة...طلبت منه الإستسلام،وطلب منها التريث،فالمعركة لم تحسم بعد ولازال هناك أمل...ضحكت ملء فمها..ملك محاصر بالرخ والحصان،أين هو الأمل؟؟...استمر في المناورة والمماطلة غير مبالي لسعادتها وهو يطلب من السماء أن ترتكب خطأ يزيل الغمة عن صدره...وفي لحظة تخادل منها استجابت السماء للدعاء...في لحظة النشوة العارمة ارتكبت الخطأ القاتل...لقد حاصرت الملك حصارا تاما،ولم تتمكن مع ذلك من أن تميته...شلت حركة الملك ولم تترك له مربعا يركن إليه...في الشطرنج يعتبر ذلك تعادلا...يا للمصيبة...لقد أضاعت فرصة الإنتصار...قهقه هو عاليا،ورقص حول نفسه مبتهجا...حصل على تعادل ثمين لم يكن يحلم به...يا للخيبة...أفلت من بين يديها كالزئبق...لن يغسل لها الأواني،ولن يرتب لها الغرفة،ولن يكنس الأرض...ولن يحقق الرغبات...لقد نجا بجلده هذه المرة...ابتسمت مرغمة...ستحاول في الليلة القادمة...لن ترتكب الخطأ القاتل،وستغير من استراتيجية اللعب...ستهاجمه من البداية وستخنقه وتحطم عظامه مبكرا...لها رغبة وطلبات وعليه أن يحققها