mardi, juin 20, 2006

نساء وفقر...وسنابل قمح

الشمس محرقة...آلات الحصاد تمرح في حقول الزرع ،تقص سيقان السنابل الذهبية وتفرز الحب عن التبن...تحت الأشجار،غير بعيد،جلست نسوة ينتظرن بشغف كبير متى تنتهي الآلة من عملها وتغادر الميدان،لتدخلن الحقول بأكياسهن الصفراء وتبدأن المهمة الشاقة التي ستدر عليهن دريهمات معدودة وحبات قليلة...مهمة كل امرأة هي جمع السنابل التي لم تقطعها الآلة أو مرت عليها مرور الكرام وتركت حبات زرع عالقة في السنبل...يجب جمع أكبر كمية من السنابل وفركها بالأيادي للحصول على حبات القمح خالصة...وحفنة بعد حفنة يمتلئ الكيس ويباع في السوق...وما حصل عليه من مال تشترى به الحاجيات الضرورية للمنزل من زيت وصابون وسكر وبعض الحلوى للأطفال وقطعة قماش أو غطاء رأس أو حذاء بلاستيكي...العملية تتم لأيام وأيام،ومن حقل لحقل...نسوة لاتهتمن بالحرارة،ولا بالألم الذي يمزق الأيادي بكثرة الإحتكاك والفرك...ولا بالعقارب التي تلسع، ولا بالجوع والعطش وآلام الظهر من كثرة الإنحناء...ما يهم هو جمع أكبر كمية من السنبل في أقصر وقت...فهن في صراع محموم مع جحافل النمل التي تضايقهن ،وتهرب بالحب الى جحورها...وأسراب الطير التي تريد ملأ بطونها...وقوافل الماشية التي تدخل الحصيد وترعى...لكن أكبر مشكلة هو عندما يقرر صاحب الحقل إحراق ما تبقى من تبن ليتحول الى سماد،أو يقرر حرث الحقل مباشرة بعد عملية الحصاد...تراهن من بعيد كطيور النغاف وهي تتبع المحراث تبحث عن دود الأرض...ظهورهن مقوسة...وأياديهن خشنة لم تعرف أبدا مراهيم الجميلات التي تمر في الإعلانات والتلفزيونات....الفقر والحاجة دفعت بهن الى الذوبان تحت الشمس لالتقاط الحبة تلو الحبة...مصيرهن معلق بآلة الحصاد وبما تجود به...فكلما كانت الآلة حديثة كلما قلت سنابل القمح،فمنشار الآلة الحاد يقطع كل شيئ...وكلما صادفوا آلة قديمة إلاوعرت الإبتسامة الوجوه...فالمحصول سيكون وفيرا،والمنشار القديم سيجود عليهن بسيقان سنابل سليمة
كم هي قاسية حياة هؤلاء النسوة...هن في صراع دائم مع الطير والنمل والبشر والآلة والحاجة والفقر...من يلتفت إليهن؟؟..لاأحد...من يرحمهن؟؟...لاأحد......رب السماوات يتكفل برزقهن...فهو الرحيم وهو العاطي...وهو الحنون
شيئ غير مفهوم :"أصحاب الحقول يجمعون مآت الأكياس...يشاهدون هؤلاء النسوة تجمعن السنابل المهملة تحت الشمس والجوع والعطش،ولا يقدمون لهن ولو حفنة زرع مما رزقهم الله...ماذا لو وهبوا لكل امرأة نصف كيس قمح وأراحوها وعملوا خيرا؟؟... أظن أني أحلم....أحيانا آلة الحصاد أرحم من البشر